loader image

هل نحتاج إلى المزيد من حاملي الدكتوراه؟

نعم، فنسبة حاملي الدكتوراه على مستوى العالم تبلغ حوالي 1 % هل هذا الرقم كبير أو صغير؟ الحقيقة أنني لا أعلم بالضبط، ولكن ما أعرفه هو أن هناك علاقة قوية بين نسبة حاملي الدكتوراه في بلد ما وتقدم هذا البلد اقتصاديا واجتماعيا.

تشير البيانات من البنك الدولي إلى وجود علاقة قوية بين مستويات التعليم، بما في ذلك عدد حاملي درجة الدكتوراه، والتطور الاقتصادي للدول. الزيادة في مستويات التعليم يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الإنتاجية الاقتصادية. على سبيل المثال، دول مثل سويسرا والسويد، التي لديها أعداد كبيرة من حاملي الدكتوراه مقارنة بغيرها من الدول الصناعية، تظهر أيضا قدرات ابتكارية قوية وناتجا محليا إجماليا مرتفعا للفرد.
كلما زاد عدد حاملي الدكتوراه في دولة ما زاد نشاطهم في مجالات البحث والتطوير والابتكار. وفقا لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، دول مثل كوريا الجنوبية واليابان، التي لديها أعداد كبيرة من خريجي الدكتوراه، تتصدر أيضا الإنفاق على البحث والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. يترجم هذا الاستثمار إلى تقدم تكنولوجي ومستويات عالية من تسجيل البراءات، مما يؤدي إلى تقدم تقني وصناعي.
الدكتوراه، أو PhD، تعني بالإنجليزية “Doctor of Philosophy”، وفي السياق الأكاديمي، تعني هذه الدرجة دكتورا في الفلسفة. هذه درجة دراسات عليا متقدمة تتضمن بحثا موسعا وأطروحة تقدم مساهمات أصلية في مجال الباحث. تمثل الدرجة أعلى مستوى من التعليم الرسمي وتعترف بها عالميا في مختلف التخصصات. حاملو درجة الدكتوراه، في الغالب، يتمتعون بمهارات تحليلية و فلسفية ونقدية تساعدهم على المساهمة في صنع القرارات وتقديم رؤى وتحليلات تستند إلى البيانات والحقائق، مما يساعد في صياغة سياسات فعالة. من الواضح في الدول الاسكندنافية، حيث يوجد عدد كبير من حاملي الدكتوراه، أن هناك استخداما واضحا للأبحاث الأكاديمية لإبلاغ السياسة العامة، مما يحسن من مخرجات هذه القرارات على صحة الأفراد ورفاهية المجتمعات.
الدول الغربية مثل أمريكا وكندا وأستراليا ومعظم الدول الأوروبية لديها عوامل جذب لحملة الدكتوراه وتقدم لهم مزايا الإقامة أو الهجرة. وفي دبي، تمنح الإقامة الذهبية للعلماء وذوي المهارات العلمية الاستثنائية، وفي السعودية، تمنح إقامة الكفاءات الاستثنائية لمن لديهم شهادات عليا وسجل علمي وبحثي متميز.
من المعروف أن الدول التي تحتضن طلابا أجانب كباحثين وطلاب دكتوراه تحرص على دفع أنظمة تسهل لهم المكوث والمساهمة في الاقتصاد، فهذا يعتبر استثمار في المستقبل وليس خسارة.

في الخمس سنوات الأخيرة، ومع التغيرات القادمة، من المتوقع أن تواجه العديد من الاقتصادات المتقدمة نقصا في بعض المجالات عالية المهارة، خاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).
هل حملة الدكتوراه هم المنقذون؟ لا، وزيادة أعدادهم قد لا تكون الحل المناسب دائما، لكن الأهم هو استغلال هذه الكفاءات بالشكل الصحيح وتمكينهم ليكونوا قادة تحول في مجالاتهم، وخلق بيئات حاضنة لهم ليس فقط داخل أسوار الجامعات بل بيئات تساعدهم على الإبداع والابتكار وإيجاد حلول تحسن من صحتنا ورفاهيتنا.

النقطة الأخيرة هو التركيز على الفكر العميق والابتكار الذي يؤدي إلى تأثير حقيقي في العالم الواقعي، وليس فقط النشر الأكاديمي أو تسجيل براءات الاختراع دون تأثير فعلي. من المهم تعزيز بيئات تشجع على البحث العلمي الذي يمكن تطبيقه بشكل عملي لحل المشكلات الملحة في المجتمع.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *