خِلَال إِعْداديٍّ لِحلْقة في بودكاسْتْ عِقَال عن التَّبغ وَجهُود الممْلكة فِي مُكافحته ، برز لِي اِسْم مُتَخصص سُعوديٌّ فِي هذَا المجَال إِنَّه اِسْم جديد لَكنَّه مُؤثِّر ، وَمِن خِلَال أبْحاثه يُظْهِر لِي أَنَّه يَعرِف جيِّدًا مَا يفْعله.
على الرَّغْم مِن صِغر سِنِّه ، لَديْه إِنتَاج بَحثِي رصين ونشاطات مَحَليَّة مع وِزارة الصِّحَّة السُّعوديَّة وعالميَّة مع مُنَظمَة الصِّحَّة العالميَّة ، تُظْهِر اِلتزامه بِمكافحة التَّبغ.
بَعْد قِراءة عِدَّة مقالَات عِلْميَّة مَنشُورة لَه ، ومتابعة حِسابه على تُويْتِر ، أَيقَنت أَنَّه الرَّجل المناسب . تَوَاصلَت معه وشرحتْ لَه فِكْرَة البودْكاسْتْ ودعْوَته كضيْف لِلْحدِيث عن التَّبغ.
فَرحَّب وَهلَّل وبادر . سجَّلْنَا حَلقَة بِعنْوَان ” التَّدْخين بَيْن الصِّحَّة والاقْتصاد ” . كَانَت الحلْقة مُثيرَة ، والضَّيْف كان مُلمًّا بِكلِّ مَا يُحيط بِالتَّبغ مِن مِلفَّات حَسَّاسة كالسِّياسة والاقْتصاد ، والْأَهمَّ مِن ذَلِك الصِّحَّة . لَعلَّ هَذِه الحلْقة كَانَت الوصْل بَينِي وبيْنه . لَبِثنَا نَتَواصَل رقْميًّا لِمدَّة سنتيْنِ ، نَتَبادَل التَّهْنئات بِالْعِيد والْمناسبات وأخْبارنَا المهْنيَّة . أحْيانًا كثيرة يسْبقني وأحْيانًا قليلة أَسبِقه.
وَفِي زِيارة لِلسُّعوديَّة خِلَال آخر آخر مَرْحَلة مِن الدُّكْتوراه ، رتبنا أن نَتَقابَل وجْهًا لِوَجه.
حاولتْ تَنسِيق وَقْت مُنَاسِب وَكَان ذَلِك بَعْد عَملِه في الفصل الصيفي السَّاعة الخامسة عصْرًا فِي أحد مَقاهِي الرِّيَاض الهادئة.
جلسْنَا لِساعَات نَتَبادَل أَطرَاف اَلحدِيث. كان يَتَحدَّث عن مشاريعه البحْثيَّة ورؤْيَته المهْنيَّة بِشَغف وَحَماس مُنْقَطِع اَلنظِير.
تَحدَّث عن ضَرُورَة إِتقَان الأعْمال البحْثيَّة دُون إِهمَال المحاضرات العلْميَّة ، وأنَّ التَّدْريس مِهنَة فَضِيلَة . كان لَه طُمُوح الشَّابِّ اَلذِي يُريد الخيْر ويسْعى لَه ويبْذل وَقتُه وجهْده.
الآن ، بَعْد أن اِنسدَل السِّتَار وطويْتُ صفْحته ، عَلمَت أَنَّه كان يُخطِّط لِأبْحاثه ومشاريعه المهْنيَّة ومحاضراته العلْميَّة ” كَأنَّه يعيش أبدًا “.
وعلمتْ جيِّدًا أَنَّه كان يُريد إِحدَاث الأثر وخلْق التَّغْيير ووضع بصمته فِيمن حَولَه مِن طُلَّاب وباحثين وسياسات مُجْتمعيَّة وصحِّيَّة لِتحْسِين صِحَّة العامَّة ” كَأنَّه يَمُوت غدًا “.
رحل عَبْد اَللَّه بْن مَعيُوف اَلعنْزِي ، لَكِن عَملَه وَعِلمَه بَقيَّة.
رحل وَلكِن بصْمته فِي أبْحاثه ومساهمته العلْميَّة والْمجْتمعيَّة بَاقِية.
رحل وَلكِن صُورَتَه بَاقِية فِي قُلُوب طُلَّابه ومحبِّيه وزملاؤه.
لََا تُوجَد كَلمَات تُخفِّف عَنَّا وعن مُحبِّيه وذويه إِلَّا مَا قَالَه الرَّحْمن الرَّحِيم : ” وَبشَّر الصَّابرين “، أَسأَل اَللَّه اَلكرِيم ربُّ العرْش اَلعظِيم أن يجْعله مِمَّن قال اَللَّه فِيهم : ” بل أَحيَاء عِنْد رَبهِم يُرْزقون “.
الصورة هي أخر مراسلة بيني وبينه، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.