loader image

قَواعِد اللُّعْبة !

عِنْدمَا نَتَحدَّث عن الألْعاب ، نُفكِّر فَوَراء فِي اَلمُتعة والْإثارة اَلتِي تجْلبهَا ومع ذَلِك ، نادرًا مَا نُفكِّر فِي القواعد اَلتِي تَحكُم هَذِه الألْعاب وَالتِي تُضْفِي عليْهَا هيْكلا وَمنطِقا . خُذ – على سبيل المثَال – لُعبَة كُرَة القدم ، اللُّعْبة اَلتِي يعْشقهَا الملايين ويتابعونهَا حَوْل العالم . تَعتَمِد كُرَة القدم على مَجمُوعة بَسِيطَة ومعْروفة مِن القواعد : فريقَان يتنافسان لِإحْرَاز الأهْداف فِي مَرمَى كُلِّ مِنْهمَا ، والْفريق اَلذِي يُسجِّل أهْدافًا أَكثَر خِلَال زمن المباراة اَلمُحدد هُو الفائز . اَلحُكم هُو اَلذِي يُطبَّق هَذِه القواعد ويضْمن اَللعِب اَلنظِيف . الآن ، تَخيَّل أَنَّك حَضرَت مُبارَاة كُرَة قدم دُون وُجُود مَرْمى . وَقَال لَك المنظِّمون والْحكَّام : ” سنتْرك اللَّاعبين يلْعبون ويدورون بِالْكرة ، وَسنُحدد مِعيَار النَّجَاح والْفَوْز فِي نِهاية التِّسْعين دَقِيقَة . ” كَيْف ستشْعر ؟ على الأرْجح سَتجِد هذَا الاقْتراح غَيْر مَنطقِي وَستفْقِد اَلمُتعة فِي مُتَابعَة المباراة ، بل قد تعْتبرهَا مَضْيَعة لِلْوقْتِ والْجهْد . هذَا المثَال اَلبسِيط يُوضِّح أَهَميَّة القواعد فِي الألْعاب . هَذِه القواعد هِي اَلتِي تَجعَل اللُّعْبة مُنَظمَة وتجْعل لِلْجمْهور وللَّاعبين مَعايِير وَاضِحة لِلنَّجَاح والْفَوْز .

دعوْنَا نَغُوص أَعمَق مِن ذَلِك !

إِذَا تَعَمقنَا قليلا فِي هذَا الطَّرْح ونقلْناه إِلى مَجَال البحْث اَلعلْمِي ، يُمْكِن أن نَتَخيَّل أنَّ شخْصًا يَعمَل فِي الأبْحاث دُون أن يَكُون هُنَاك أيُّ تَقيِيم أو نَقْد لِأعْماله مِن حَيْث الأسَاس اَلعلْمِي والْخصوصيَّة والْأخْلاقيَّات . مَاذَا سيحْدث ؟ سَتفقِد الأبْحاث مِصْداقيَّتهَا وَستصْبِح دَوَّن فَائِدة حَقيقِية ، تمامًا كمَا تَفقَّد مُبارَاة كُرَة القدم مَعْنَاها دُون مَرْمى . البحْث والتَّطْوير والابْتكار يَحْتاج إِلى مَنظُومة عَمِيقَة تَبدَأ فِي أَدنَى سُلَّم الهرم وَتصِل إِلى اَلقِمة . هَذِه المنْظومة تَحْتاج إِلى النَّقْد ، تَحْتاج إِلى الشَّفافيَّة ، وتحْتَاج إِلى اِتِّباع الطُّرق العلْميَّة المنْهجيَّة حَتَّى وَإِن كَانَت المشاريع تَربُّح أو تَطمَح لِلتِّجارة .

يَجِب أن تَسلُك المشاريع المنْهج اَلعلْمِي لِضمان جَودَة النَّتائج وفاعليَّتهَا . يَجِب أن نُدعِّم المبْتكر ونشجِّعه بَعْد أن نرى اِبْتكاره عِيانًا بيانًا وليْس قَبْل ذَلِك .

البحْث والتَّطْوير والابْتكار :

لََا يَحْتاج إِلى حِضْن بل حَاضِنة .

لََا يَحْتاج إِلى تَسوِيق بل دَعْم .

– لََا يَحْتاج إِلى تَضخِيم بل نَقْد وَتقوِيم .

فِي نِهاية المطَاف ، نَحْن لََا نُريد أن نَختَرِع عَجلَة جَدِيدَة ، بل نُريد أن نَدفَع عَجلَة التَّنْمية البشريَّة – بِأقْصى سُرعَة – . لَديْنَا المقوِّمات لِتحْقِيق ذَلِك ؛ فنحْن نشأْنَا فِي الجزيرة العربيَّة نَفتَقِد اَلكثِير مِن الموارد الطَّبيعيَّة ، لَكِن أجْدادنَا تغلَّبوا على هَذِه التَّحدِّيات بِفَضل الحكْمة والابْتكار والْإبْداع . هَذِه القيم مَوجُودة فِي جِيناتنَا وتقاليدنَا ، ونحْن نَمتَلِك اَلقُدرة على تفْعيلهَا والاسْتفادة مِنهَا . يَجِب أن نَتَعلَّم مِن اَلأُمم اَلتِي سَبَقتنَا ، فَهْم لَديهِم اَلكثِير مِمَّا يُمْكننَا الاسْتفادة مِنْه لِتحْقِيق التَّقَدُّم والازْدهار . لِنأْخذ مَا لَديهِم مِن قَواعِد ونطبِّقهَا بِحكْمة وإبْدَاع ، لِنسْتقْطب اَلعُقول مِن الشَّرْق والْغَرْب ونمْزجهَا بِمَا لَديْنَا مِن عُقُول .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *