loader image

بُوصَلَة الأبْحاث فِي السُّعوديَّة

 دُون مُقدمَات ، إِنَّ الألم اَلذِي يُحِس بِه كُلٌّ مِن يَعمَل فِي مَجَال الأبْحاث ، و – خُصوصًا – الأبْحاث الصِّحِّيَّة ، وَاضِح وَجلِي نَفتَقِد إِلى عِدَّة جَوانِب أَساسِية ، أَولُها وَأَهمهَا الهدف . شخْصيًّا ، لََا أَعلَم مَا هِي أَهدَاف المخْرجات البحْثيَّة فِي السُّعوديَّة . كثير مِن هَذِه الأبْحاث تُولِّد مِن رَحِم الجامعات ، والْجامعات لَم تَحمِل بِهَذه الأبْحاث عن طريق تَزاوُج عِلْمِي تقْليديٍّ ، بل عن طريق سَفَّاح مَصلَحِي بَحْت!

أَنظِمة الجامعات تَتَطلَّب مِن أَعضَاء هَيئَة التَّدْريس النَّشْر اَلعلْمِي لِلْحصول على تَرقِية ومَا يتَّبعهَا مِن مزايَا مَالِية . الزَّوَاج اَلعلْمِي اَلذِي يُولِّد بحْثًا رصينًا يَخدِم أوْلويَّات وأهْدافًا وَاضِحة ومعْلومة ، كمَا فِي الدُّول الرَّائدة فِي مَجَال الأبْحاث ، يَتِم عَبْر جَلْب عُضْو هَيئَة التَّدْريس تَموِيل بَحثِي مِن جِهَات مُحَايدَة تضيع أَنظِمة وسياسات وأوْلويَّات تَخدِم وتتوافق مع الأهْداف اَلعُليا وَهِي ” صِحَّة الفرْد والْمجْتمع “.

لَدى إِيمَان لََا يُخالِطه شكُّ أَننَا فِي مُفتَرَق طُرُق بِمَا يَخُص الأبْحاث الصِّحِّيَّة ، بِوجود عِدَّة جِهَات لَم تُكْمِل سَنَوات قَلِيلَة فقط ، مِثْل هَيئَة البحْث والتَّطْوير والابْتكار . إنَّ البحْث اَلعلْمِي اَلرصِين هُو إِحْدى السُّبل لِتحْسِين جَودَة حَياتِنا وتقدُّمنَا اِجْتماعيًّا واقْتصاديًّا، ولدي يقين بأننا نركض نحو أهداف سامية.

لَكِن التَّسابق إِلى وَضْع مَشارِيع بَحثِية بِعناوين رَنَّانة تَفتَقِد إِلى البنَاء اَلعلْمِي المتراكم اَلذِي يُولِّد الخبْرة والْحكْمة والْبصيرة مثلا ، كَيْف لَنَا أن نَبنِي نَمُوذَج تَنبُّؤ لِلْوقاية مِن مرض السُّكَّريِّ النَّوْع الثَّاني وليْس لَديْنَا قَاعِدة وَطَنيَّة تَحتَوِي على بيانَات حَيَّة لِمَرض السُّكَّريِّ ومضاعفاته ، ومعْلومات تفْصيليَّة عن المصابين بِه ؟ كَيْف لَنَا أن نَعرِف السُّبل النَّاجحة لِلْمجْتمع السُّعوديِّ مِن حَيْث السُّلوك المتعلِّق بِتسبُّب مرض السُّكَّريِّ مِثْل النَّشَاط البدَنيِّ والنَّوْم والسُّلوك الخامل والتَّغْذية ؟ هل لَديْنَا أَبحَاث وَطَنيَّة تقيس هَذِه السُّلوكيَّات ونسْتطيع مِن خِلالِهَا بِنَاء نَمُوذَج تَدخلِي مُنَاسِب لَنَا ؟ فِي ظِلِّ غِيَاب المعْرفة وخطِّ الأسَاس لِمسبِّبات الأمْراض لَديْنَا وَسبُل الوقاية المناسبة لِمجْتمعنَا ، فَإِن كُلَّ الطُّرق المتَّبعة مِن نُسَخ ولصْق السِّياسات الدَّوْليَّة وَتَمنَّى أَنهَا ” تَنجَح ” هُو طريق غير مستدام ويفقتد إلى العمق. 

بِرأْيي ، نَحْن نُسَابِق الزَّمن وننافس أَنفُسنا قَبْل العالم ، وَهذَا مَحمُود ، لَكِن يَجِب أن نسير على خطَّيْنِ مُتوازييْنِ . أوَّلا ، تَحسِين المخْرجات البحْثيَّة بِحَيث تَصُب فِي بِنَاء المعْرفة اَلتِي لَم نَستَطِع بِناؤهَا فِي السَّنوات الماضية وَالتِي تَعتَبِر القاعدة الصُّلْبة الأساسيَّة اَلتِي مِن خِلالِهَا نَستطِيع أن نَنطَلِق . نَستطِيع مِن خِلالِهَا أن نَعرِف نِقَاط قُوَّتنَا وأماكن التَّحْسين . ثانيًا ، الاسْتمْرار فِي بِنَاء البنْية التَّحْتيَّة مِن مُخْتبرات وَعقُول ودعْم لِلابْتكار ” اَلسرِيع ” لِحلِّ المشاكل الطَّارئة والْمسْتعْجلة . يَجِب أن يَكُون هُنَاك تَوازُن فِي دَعْم وَتحقِيق أَهدَاف الخطَّيْنِ أَعلَاه ، وَإِن تمَّ العمل عَليهِما حتْمًا سيتقاطعان فِي المسْتقْبل اَلقرِيب – إِن شاء اَللَّه – . وَهنَا أَقُول بِكلِّ ثِقة : إِنَّ لَم نَحصُل على اِخْتراقات بَحثِية تَنافَس عَالمِيا ، فَإِننَا – على الأقلِّ – سَنحُل مشاكلنَا بِأنْفسنَا ولأنْفسنَا .

أَعتَقد أَننَا لِننْجح بحْثيًّا عليْنَا التَّفْكير بِنموذج مُخْتَلِف يُمَثلنَا ويناسبنَا ويلبِّي اِحْتياجاتنَا وتطلُّعاتنَا.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *