loader image

أَيْن تَكمُن قُوَّة مشاريع الصِّحِّة الرَّقْميَّة والتِّقْنيَّة الحيويَّة؟

تَسعَى المشاريع الصِّحِّيَّة الرَّقْميَّة والتِّقْنيَّة الحيويَّة دائمًا إِلى دَفْع عَجلَة التَّقَدُّم والابْتكار فِي خِدْمَة البشريَّة، إِلَّا أنَّ النَّجَاح الحقيقيَّ يَتَطلَّب أَكثَر مِن اَلوُعود والْكلمات الجذَّابة هذَا مَا علَّمتْنَا إِيَّاه تَجرِبة إِليزابيث هُولْمِزْ، سَيدَة الأعْمال الأمْريكيَّة اَلتِي أَسسَت شَركَة ” ثِيرانوس ” بِهَدف إِحدَاث ثَورَة فِي الفحوصات الطِّبِّيَّة، حَيْث وَعدَت بِجهاز ثَورِي يُمْكِنه إِجرَاء اِخْتبارات طِبِّية بِكمِّيَّة ضَئِيلَة مِن اَلدَّم أَسهَم مَعهَا كِبَار المسْتثْمرين، وَتَصدرَت الصُّحف والْمجلَّات كرمْز جديد لِلابْتكار الصِّحِّيِّ. لَكِن مع مُرُور اَلوقْتِ، بَدأَت الشُّكوك تَتَسلَّل حَوْل صِحَّة التِّقْنيَّة اَلتِي تُروِّج لَهَا. لَاحقًا كَشفَت التَّحْقيقات أنَّ الجهَاز لَم يَكُن دقيقًا وأنَّ اَلشرِكة ضَللَت المسْتثْمرين، لِتتحَوَّل قِصَّتهَا إِلى مِثَال صَارِخ عن مَخاطِر اَلوُعود التِّكْنولوجيَّة دُون أَدلَّة عِلْميَّة قويَّة.

هَذِه اَلقضِية تُذَكرنَا أنَّ الابْتكار لَيْس مُجرَّد تَسوِيق جَذَّاب أو تخيُّلَات مُسْتقْبليَّة، بل مَنظُومة مُتكاملة تَقُوم على اَلأُسس العلْميَّة والْأخْلاقيَّات. فالْمشاريع الصِّحِّيَّة، خَاصَّة فِي مجالَات مِثْل التِّقْنيَّة الحيويَّة، تَحْتاج إِلى آليَّات وَاضِحة ومحدَّدة تَضمَن تَحقِيق أهْدافهَا بِفعَّاليَّة وجوْدَة. تمامًا كمَا تَعتَمِد لُعبَة كُرَة القدم على مَرْمى يُحدِّد مَعايِير اَلفوْزِ، تَحْتاج المشاريع العلْميَّة إِلى أَهدَاف وَاضِحة وقواعد عِلْميَّة ثَابِتة تَضمَّن تحْقيقهَا فِي سبيل تَحسِين حَيَاة النَّاس. إِنَّ العمل فِي المجَال الصِّحِّيِّ والتِّقْنيِّ الحيَويِّ يَتَطلَّب مِنَّا أن نَتَجاوَز الفكْرة التَّقْليديَّة لِلنَّجَاح المرْتبط بِالْأرْباح السَّريعة أو الشُّهْرة،

وَنحُول ترْكيزنَا إِلى البحْث اَلعلْمِي المنْهجيِّ. نَحْتاج إِلى مَنظُومة مُتكاملة تَبدَأ بِتحْدِيد الأهْداف العلْميَّة الأساسيَّة، وتشْمل التَّقْييم والنَّقْد البنَّاء مِن قِبل الخبراء، بِالْإضافة إِلى الالْتزام بِمعايير صَارِمة لِلتَّحَقُّق والتَّوْثيق. عِنْد التَّفْكير فِي هَذِه المشاريع، يَجِب أن نَكُون قَادرِين على رُؤيَة ” النِّقَاط العمْياء ” اَلتِي قد تجْعلنَا نَقْع فِي فخِّ التَّقْدير المبالغ فِيه أو الانْبهار بِالْبريق الزَّائف. المنْهج والنَّقْد اَلعلْمِي هُنَا يَلعَب دَوْر المرْآة الجانبيَّة، تِلْك اَلتِي تُمَكننَا مِن رُؤيَة مَا قد لََا نُلاحِظه بِشَكل مُباشِر، وتساعدنَا على اِتِّخاذ القرارات الصَّحيحة. الابْتكار والْبَحْث اَلعلْمِي لَيسَا خُطوات سَرِيعَة بل رِحْلَة طويلَةً، تَتَطلَّب سَنَوات مِن العمل الدَّؤوب.

إِذَا أردْنَا أن نُحدِّث فرْقًا حقيقيًّا، يَجِب أن نَكُون قَادرِين على التَّمْييز بَيْن العلم الصَّادق والْمشاريع اَلتِي تَسعَى فقط وَرَاء المكاسب السَّريعة. فَالعِلم يَحْتاج إِلى اِحتِضان ورعاية، وليْس تسْويقًا أَجوَف. إِذَا أردْنَا التَّمْييز بَيْن الحقيقيِّ والزَّائف فِي العلوم، يَبقَى البرْهان اَلعلْمِي هُو مِفتَاح الصِّدْق وسبيل النَّجَاح المسْتدام.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *